قال ابن إسحاق: ونصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة، بغيا وحسدا وضغنا، لما خص الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج، ممن كان عسى - أي بقي - على جاهليته، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالإسلام، واتخذوه جُنَّة من القتل، ونافقوا في السر، وكان هواهم مع يهود، لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وجحودهم الإسلام، وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنَّتونه، ويأتونه باللَّبس، ليلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه، إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها . منهم: حيي بن أخطب، وأخواه أبو ياسر بن أخطب، وجُدَيّ بن أخطب، وسلاَّم بن مشكم، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وسلاَّم بن أبي الحقيق، وأبو رافع الأعور، - وهو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر - والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وعمرو بن جحَّاش، وكعب بن الأشرف، وهو من طيئ، ثم أحد بني نبهان، وأمه من بني النضير، والحجاج بن عمرو، حليف كعب بن الأشرف، وكردم بن قيس، حليف كعب بن الأشرف، فهؤلاء من بني النضير . ومن بني ثعلبة بن الفِطْيَوْن: عبدالله بن صُوريا الأعور، ولم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه، وابن صلوبا، ومخيريق، وكان حبرهم، أسلم . ومن بني قينقاع: زيد بن اللَّصيت - ويقال: ابن اللُّصيت - فيما قال ابن هشام - وسعد بن حنيف، ومحمود بن سيحان، وعُزيز بن أبي عزيز، وعبدالله بن صيف . وسويد بن الحارث، ورفاعة بن قيس، وفِنحاص، وأشيع، ونعمان بن أضا، وبحري بن عمرو، وشأس بن عدي، وشأس بن قيس، وزيد بن الحارث، ونعمان بن عمرو، وسُكين بن أبي سكين، وعدي بن زيد، ونعمان بن أبي أوفى، أبو أنس، ومحمود بن دحية، ومالك بن صيف . وكعب بن راشد، وعازر، ورافع بن أبي رافع، وخالد وأزار بن أبي أزار . ورافع بن حارثة، ورافع بن حريملة، ورافع بن خارجة، ومالك بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت، وعبدالله بن سلام بن الحارث، وكان حَبرْهم وأعلمهم، وكان اسمه الحصين، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله . فهؤلاء من بني قينقاع . ومن بني قريظة: الزبير بن باطا بن وهب، وعزّال بن شمويل، وكعب بن أسد، وهو صاحب عَقد بني قريظة الذي نُقض عام الأحزاب، وشمويل بن زيد، وجبل بن عمرو بن سكينة، والنحام بن زيد، وقردم بن كعب، ووهب بن زيد، ونافع بن أبي نافع، وأبو نافع، و عدي بن زيد، والحارث بن عوف، وكَرْدم بن زيد، وأسامة بن حبيب، ورافع بن رميلة، وجبل بن أبي قشير، ووهب بن يهوذا، فهؤلاء من بني قريظة . ومن يهود بني زريق: لبيد بن أعصم، وهو الذي أخَّذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه . ومن يهود بني حارثة: كنانة بن صُوريا . ومن يهود بني عمرو بن عوف: قردم بن عمرو . ومن يهود بني النجار: سلسلة بن برهام . فهؤلاء أحبار اليهود، أهل الشرور والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأصحاب المسألة، والنصب لأمر الإسلام الشرور ليطفئوه، إلا ما كان من عبدالله بن سلام، ومخيريق .
قال ابن إسحاق: وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت: كنت أحب ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه . قالت: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قباء، في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمي أبو ياسر بن أخطب، مغلسين - أي ذهبا بعد الفجر وقبل أن يذرّ قرن الشمس - قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس . قالت: فأتيا كالَّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى . قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إليّ واحد منهما، مع ما بهما من الغم . قالت: وسمعت عمي أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو ؟ قال: نعم والله، قال: أتعرفه وتثبته ؟ قال: نعم، قال: فما في نفسك منه ؟ قال: عداوته والله ما بقيت .