تعرض ابن أبي له صلى الله عليه وسلم، وغضب قومه منه

قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد بن حارثة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه على حمار عليه إكاف، فوقه قطيفة فدكية مختطمة بحبل من ليف، وأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ‏‏.‏‏ قال: فمر بعبدالله بن أبي، وهو في ظل مزاحم أُطُمِه، وحوله رجال من قومه.

قلت: وذلك قبل أن يتظاهر ابن أبي بالإسلام.

قال أسامة بن زيد: فلما رآه رسول الله تذمم من أن يجاوزه حتى ينزل، فنزل فسلم ثم جلس قليلا فتلا القرآن ودعا إلى الله عز وجل، وذكر بالله وحذر، وبشر وأنذر قال: وهو زام لا يتكلم، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته، قال: يا هذا، إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك له فحدثه إياه، ومن لم يأتك فلا تغُتَّه به، ولا تأته في مجلسه بما يكره منه ‏‏.‏‏ قال: فقال عبدالله بن رواحة في رجال كانوا عنده من المسلمين: بلى، فاغشنا به، وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا، فهو والله مما نحب، ومما أكرمنا الله به وهدانا له.

قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسامة، قال: وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل على سعد بن عبادة، وفي وجهه ما قال عدو الله ابن أبي، فقال: والله يا رسول الله إني لأرى في وجهك شيئا، لكأنك سمعت شيئا تكرهه، قال: أجل، ثم أخبره بما قال ابن أبي، فقال سعد: يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإنا لننظم له الخرز لنتوِّجه، فوالله إنه ليرى أن قد سلبته ملكا.