قال ابن إسحاق: فلما قال لهم ذلك أبو جهل، قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي .
قال مصعب بن عبدالله: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف.
قال ابن إسحاق: فقال: يا معشر قريش، إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم ساحر، لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم؛ وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم؛ وقلتم شاعر، لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجزه؛ وقلتم مجنون، لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه، ولا وسوسته، ولا تخليطه، يا معشر قريش، فانظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم. وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصب له العداوة، وكان قد قدم الحِيَرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم واسبنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فذكَّر فيه بالله، وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله يا معشر قريش، أحسن حديثا منه، فهلم إلي، فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا مني؟
قال ابن هشام: وهو الذي قال فيما بلغني: {سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّه} [الأنعام].
قال ابن إسحاق: وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول - فيما بلغني -: نزل فيه ثمان آيات من القرآن: قول الله عز وجل: {إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [القلم] وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن.