همز المشركين ولمزهم وسخريتهم بالنبي وأصحابه

قال ابن إسحاق: فجعلت قريش حين منعه الله منها، وقام عمه وقومه من بني هاشم، وبني المطلب دونه، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به، يهمزونه ويستهزئون به ويخاصمونه، وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم، وفيمن نصب لعداوته منهم، ومنهم من سمّى لنا، ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار، فكان ممن سمّي لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن عمه أبو لهب بن عبدالمطلب وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية، حمَّالة الحطب، وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب، لأنها كانت - فيما بلغني - تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر، فأنزل الله تعالى فيهما: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)} [المسد].

قال ابن إسحاق: فذُكر لي: أن أم جميل: حمالة الحطب، حين سمعت ما نزل فيها، وفي زوجها من القرآن، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها فِهْر من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر، أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت: مذمما عصينا وأمره أبَيْنا. ثم انصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تُراها رأتك؟ فقال: ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرها عني.

قال ابن إسحاق: وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما، ثم يسبونه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قريش، يسبون و يهجون مذمما، وأنا محمد.

وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة].

قال ابن إسحاق: والعاص بن وائل السهمي، كان خباب بن الأرت، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قينا بمكة يعمل السيوف، وكان قد باع من العاص ابن وائل سيوفا عملها له حتى كان له عليه مال، فجاءه يتقاضاه، فقال له: يا خباب، أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلُها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم! قال خباب: بلى. قال: فأنظرني إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك، فوالله لا تكون أنت وصاحبك يا خباب آثر عند الله مني، ولا أعظم حظا في ذلك.فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{‏‏أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)} .‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)} [مريم].

ولقي أبو جهل بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - فقال له: والله يا محمد، لتتركن سب آلهتنا، أو لنسبن إلهك الذي تعبد.فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{‏‏وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ (108)} [الأنعام]‏‏. فذُكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كف عن سب آلهتهم، وجعل يدعوهم إلى الله.

والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي، كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا، فدعا فيه إلى الله تعالى وتلا فيه القرآن، وحذر فيه قريشا ما أصاب الأمم الخالية، خلفه في مجلسه إذا قام، فحدثهم عن رستم السنديد، وعن أسفنديار، وملوك فارس، ثم يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين، اكتتبها كما اكتتبتها. فأنزل الله فيه: ‏‏{‏‏وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا (5) قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6)} [الفرقان]‏‏. ونزل فيه: ‏‏{‏‏‏‏إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (15)} [القلم]‏ ‏.ونزل فيه: ‏‏{وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)} [الجاثية]‏‏.

قال ابن إسحاق: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما - فيما بلغني - مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم في المجلس، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له النضر بن الحارث، فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: ‏‏{‏‏إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (100)} [الأنبياء]‏‏.

قال ابن إسحاق: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عبدالله بن الزبعرى السهمي حتى جلس، فقال الوليد بن المغيرة لعبدالله بن الزبعرى: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبدالمطلب آنفا وما قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبدالله بن الزبعرى: أما والله لو وجدته خصمته، فسلوا محمدا: أكلّ ما يُعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى بن مريم عليهما السلام، فعجب الوليد، ومن كان معه في المجلس من قول عبدالله بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم.فذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قول ابن الزبعرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كل من أحب أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين، ومن أمرتهم بعبادته.فأنزل الله تعالى عليه في ذلك: ‏‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (10)} [الأنبياء]. أي عيسى بن مريم، وعزيرا، ومن عُبدوا من الأحبار والرهبان الذي مضوا على طاعة الله، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله. ونزَّل فيما يذكرون، أنهم يعبدون الملائكة، وأنها بنات الله: ‏‏{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26)‏‏} ‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله: ‏‏{‏‏وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)} [الأنبياء]‏‏.‏ ونزّل فيما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنه يُعبد من دون الله، وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته: ‏‏{‏‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف]. أي يصدون عن أمرك بذلك من قولهم. ثم ذكر عيسى بن مريم فقال: ‏‏{إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)} [الزخرف]. أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى، وإبراء الأسقام، فكفى به دليلا على علم الساعة.

قلت: ما ذكره ابن إسحاق في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} خطأ، والصواب ما روي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه من أن معنى الآية نزول عيسى عليه السلام في أخر الزمان، وأن نزوله في ذلك الوقت، علامة على قرب الساعة، والمراد بالساعة هنا: القيامة.

قال ابن إسحاق: والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف بني زهرة، وكان من أشراف القوم وممن يُستمع منه، فكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرد عليه، فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ (10)} ‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏{‏‏عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} [القلم]‏‏، ولم يقل: ‏‏{زَنِيمٍ} لعيب في نسبه، لأن الله لا يعيب أحدا بنسب، ولكنه حقق بذلك نعته ليُعرف. والزنيم: العديد للقوم.

قلت: الزنيم، هو الملصق بالقوم وليس منهم.

والوليد بن المغيرة، قال: أيُنـزَّل على محمد وأُترك وأنا كبير قريش وسيدها، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، ونحن عظيما القريتين، فأنزل الله تعالى فيه، فيما بلغني: ‏‏{‏‏وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}‏‏ .‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: {‏‏وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف].

وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وعقبة بن أبي معيط، وكانا متصافيين، حَسَنا ما بينهما. فكان عقبة قد جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فبلغ ذلك أبيا، فأتى عقبة فقال له: ألم يبلغني أنك جالست محمدا وسمعت منه، قال: وجهي من وجهك حرام أن أكلمك - واستغلظ من اليمين - إن أنت جلست إليه أو سمعت منه، أو لم تأته فتتفل في وجهه. ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله. فأنزل الله تعالى فيهما: ‏‏{‏‏‏‏وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27)} .‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى: ‏‏{لِلإِنسَانِ خَذُولا (29)} [الفرقان].

ومشى أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظمٍ بالٍ قد ارْفتَّ، فقال: يا محمد، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرمّ، ثم فتَّه في يده، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا، ثم يدخلك الله النار. فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ (80)} [يس].

واعترض رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وهو يطوف بالكعبة - فيما بلغني - الأسود بن المطلب بن أسد بن عبدالعزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد، كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد، كنت قد أخذت بحظك منه.فأنزل الله تعالى فيهم: ‏‏{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} [الكافرون]. أي إن كنتم لا تعبدون الله، إلا أن أعبد ما تعبدون، فلا حاجة لي بذلك منكم، لكم دينكم جميعا، ولي ديني.

وأبو جهل بن هشام، لما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفا بها لهم، قال: يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: لا، قال: ‏عجوة يثرب بالزبد، والله لئن استمكنا منها لنتزقمنَّها تزقما.فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{‏‏إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)} [الدخان]. أي ليس كما يقول. وأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{‏‏وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)} [الإسراء].

ووقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، و رسول الله عليه و سلم يكلمه، وقد طمع في إسلامه، فبينا هو في ذلك، إذ مر به ابن أم مكتوم الأعمى، فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يستقرئه القرآن، فشق ذلك منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضجره، وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد، وما طمع فيه من إسلامه. فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا وتركه. فأنزل الله تعالى فيه: ‏‏{‏‏عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءَهُ الأَعْمَى (2)} .. إلى قوله تعالى: ‏‏{فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14)} [عبس].‏‏ أي إنما بعثتك بشيرا ونذيرا، لم أخص بك أحدا دون أحد، فلا تمنعه ممن ابتغاه، ولا تتصدينّ به لمن لا يريده.‏

قال ابن هشام: ابن أم مكتوم، أحد بني عامر بن لؤي، و اسمه عبدالله، و يقال: عمرو.