تعنت قريش عند سماعها للقرآن

قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عله وسلم إذا تلا عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله، قالوا يهزؤون به: ‏‏{قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} لا نفقه ما تقول ‏‏{وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} لا نسمع ما تقول ‏‏{‏‏وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} قد حال بيننا وبينك ‏‏{فَاعْمَلْ}‏‏ بما أنت عليه ‏‏{إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)} [فصلت].‏‏ بما نحن عليه، إنا لا نفقه عنك شيئا، فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قولهم: ‏‏{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله ‏‏{وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)} [الإسراء]. أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة، و في آذانهم وقرا، وبينك وبينهم حجابا بزعمهم؛ أي إني لم أفعل ذلك. ‏‏{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا (47)} [الإسراء]. أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم. ‏‏{انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48)} [الإسراء]. ‏‏أي أخطئوا المثل الذي ضربوا لك، فلا يصيبون به هدى، ولا يعتدل لهم فيه قول ‏‏{وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا49)} [الإسراء]. أي قد جئت تخبرنا أنا سنُبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا، وذلك ما لا يكون. ‏‏{قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (51)} [الإسراء].‏‏ أي الذي خلقكم مما تعرفون، فليس خَلْقكم من تراب بأعز من ذلك عليه.