غزوة ذي أمر

قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق، أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريبا منها، ثم غزا نجدا، يريد غطفان، وهي غزوة ذي أمر.

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عثمان بن عفان.

قال ابن سعد: ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، غطفان إلى نجد، وهي: ذو أمر، ناحية النخيل .. وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمعهم رجل منهم يقال له دعثور بن الحارث من بني محارب، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسلمين وخرج لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في أربعمائة وخمسين رجلا، ومعهم أفراس، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، فأصابوا رجلا منهم بذي القصة يقال له جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره من خبرهم وقال: لن يلاقوك لو سمعوا بمسيرك هربوا في رؤوس الجبال وأنا سائر معك، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الإسلام فأسلم، وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى بلال ولم يلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدا إلا أنه ينظر إليهم في رؤوس الجبال، وأصاب رسول الله وأصحابه مطر، فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثوبيه ونشرهما ليجفا وألقاهما على شجرة واضطجع، فجاء رجل من العدو يقال له دعثور بن الحارث ومعه سيف حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من يمنعك مني اليوم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله. ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن إسحاق: فأقام بنجد صفْراً كله أو قريبا من ذلك، ثم رجع إلى المدينة، ولم يلق كيدا، فلبث بها شهر ربيع الأول كله، أو إلا قليلا منه.

قلت: وزعم ابن سعد أن وقعة ذا أمر، في شهر ربيع الأول، وهو وهمٌ شنيع منه، والصواب ما قاله ابن إسحاق، والدليل على ذلك، أن ابن سعد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم، شيَّع  محمد بن مسلمة وأصحابه لقتل كعب بن الأشرف، في اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول، وهذا يعني أنه كان ذلك اليوم في المدينة، وانتظرهم حتى قدموا عليه، بينما يذكر أن مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذي مرّ، كانت في اليوم الثاني عشر من الشهر المذكور، وهذا يعني أنه يتوجّب أن لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يوم الرابع عشر.